مراد المصري (دبي)
يمثل مدربو المدرسة البرازيلية «علامة فارقة»، في بداية مشوار دورينا، خلال عقود تعد بمثابة الفترة الذهبية لهم، على صعيد الأعداد والألقاب التي حصلوا عليها، إلا أنه في عصر الاحتراف، وتحديداً المواسم الأخيرة، فإن أعدادهم أخذت في التقلص بصورة تدريجية، حتى وصلت مع إقالة باولو كاميلي من تدريب دبا الفجيرة، ليصبح الرقم «صفراً» لمدربي «السامبا» على دكة أندية دوري الخليج العربي هذا الموسم، في ظاهرة نادرة لا تتكرر كثيراً!.
وبرغم أن الكرة البرازيلية ما زالت حاضرة على الصعيد العالمي بالنسبة لمنتخبها الوطني، برغم اهتزاز صورته في كأس العالم 2014، إلا أنه عوض ذلك بالحصول على ذهبية أولمبياد 2016، إلى جانب الإنجازات التي تحققها الفرق البرازيلية التي تعتمد بالمقام الأول على مدربيها المحليين، لكن بحسب الرصد فإن متطلبات العصر الحديث أصبحت لا تواكب طموحات الأندية، سواء في دورينا أو حول العالم التي لا تجد فيهم القدرة على مواجهة أسلوب الخطط والأدوار وتحليل المنافس، كما يفعل المدربون الآخرون، وذلك مع اعتماد مدربي البرازيل بشكل أكبر على مهارات لاعبيهم، والتركيز على اللعب المفتوح الذي يقدم المتعة بعض الوقت، لكنه ليس كافياً لحصد النتائج المطلوبة على مدار موسم كامل، إلى جانب غياب تركيزهم على الجانب البدني الذي أصبح عنصراً مهماً أسوة بالمهارة أيضاً.
وحضر مدربو البرازيل مطلع الموسم في دورينا باسمين هما جورفان فييرا مع اتحاد كلباء، قبل أن تتم إقالته، بعد الجولة الأولى فقط، وكاميلي مع دبا الفجيرة الذي رحل في نهاية الجولة السادسة، وحتى هذا العدد يعد قليلاً، مقارنة بسنوات ماضية، كان حضورهم أبرز، ويبدو أن صراع البحث عن الألقاب فرض المعادلة، حيث تشير الأرقام أن لقب دوري الخليج العربي حسم لمصلحة المدربين الأوروبيين 9 مرات، مقابل مرة واحدة فقط كسر فيها البرازيلي براجا احتكارهم مع الجزيرة، وهو ما جعل حضور مدربي «القارة العجوز» كبيراً للغاية، بواقع 8 أسماء هذا الموسم، وتحديداً الفرق المرشحة للمنافسة على اللقب، ومنها العين حامل اللقب بقيادة الكرواتي زوران ماميتش، والوحدة وصيفه الموسم الماضي مع الروماني ريجيكامب، والجزيرة الذي يقوده الهولندي فيرسلاين مؤقتاً خلفاً لمواطنه كايزر الذي لم يعرف الخسارة مع الفريق، قبل رحيله إلى سبورتينج لشبونة البرتغالي، مع حضور عربي بارز بوجود 5 مدربين عرب، منهم مواطنان، هما عبدالعزيز العنبري المستمر مع الشارقة منذ الموسم الماضي، ويقوده إلى صدارة الترتيب هذا الموسم بنتائج مميزة، وحسن العبدولي وإن كان مؤقتاً حالياً مع الوصل، مقابل مدرب واحد فقط من أميركا الجنوبية هو الأرجنتيني رودولفو أروابارينا الذي عاد إلى دورينا في الجولة الخامسة من بوابة شباب الأهلي.
ولا تقتصر ظاهرة تراجع أعداد المدربين البرازيليين على الأندية فقط، ولكنها تمتد إلى المنتخبات الوطنية العربية أيضاً، حيث يوجد الإيطالي ألبرتو زاكيروني مع منتخبنا الوطني، وهو ما تقوم به بقية المنتخبات الخليجية والعربية التي تخلت عن العاطفة والارتباط مع الكرة البرازيلية في عهد سابق وقررت مجاراة الوضع الحالي، وعلى سبيل المثال يوجد الكرواتي روميو بوزاك مع الكويت، والهولندي بيم فيربيك مع منتخب عُمان، والتشيكي ميروسلاف سكوب مع البحرين، والسلوفيني كاتانيتش مع العراق، والأرجنتيني بيتزي مع السعودية، والبلجيكي فيتال مع الأردن والمكسيكي خافيير أجيري يعاونه الإسباني سالجادو مع مصر، والفرنسي رينار مدرب المغرب والمونتينيجري رادولوفيتش مع لبنان وجمال بلماضي مع منتخب بلاده الجزائر وغيرهم.
ودافع بخيت سعد، لاعب منتخبنا الوطني سابقاً ونجم العديد من الأندية، عن المدربين البرازيليين، موضحاً أنه لا يزال يرى أنهم الأنسب للكرة الإماراتية وتحديداً نوعية لاعبينا، وقال: «التوجه نحو المدرب الأوروبي جاء من أجل التركيز على الجانب البدني ورفع اللياقة والأسلوب في الأداء، لكننا لا نرى تأثيراً في هذه الجوانب في دورينا ومنتخبنا، وحينما نتابع المنافسات المحلية فإن ما نراه حالياً يمكن وصفه بـ«العك الكروي»، وذلك نظراً لعدم استثمار المهارات الفردية لدى اللاعبين ومنحهم المجال المناسب فنياً، ومع التركيز على الجانب البدني، وللعلم فإن لاعبينا غير قادرين على تحمل هذا العدد من التدريبات البدنية، وذلك لعوامل مختلفة، ربما لو تحدثنا عنها بصراحة وهي أن أغلب لاعبي الجيل الحالي بلا استثناء يقومون بالسهر حتى ساعات متأخرة، وهو ما انعكس على الإصابات المتتالية، والتي تحدث بسهولة ومباشرة نتيجة لهذه التدريبات وأسلوب اللعب».
وأضاف: «على الصعيد الشخصي نشأت مع المدرسة البرازيلية التي استثمرت كثيراً في مهاراتنا الفردية، وحققنا معها العديد من الأمور الإيجابية، ومع المدربين الأوروبيين أيضاً، وتحملنا الجانب البدني الذي يركزون عليه، وفي المحصلة أرى أن المدرب البرازيلي هو الأنسب للاعب الإماراتي، برغم الابتعاد عنه في الوقت الحالي، وعلى الجانب الأوروبي أفضل المدرسة الهولندية التي أرى أنها الأقرب للكرة البرازيلية من ناحية استثمار المهارات والعمل على الجوانب البدنية بصورة معقولة، وهو ما شاهدناه في أسلوب الجزيرة أمام العين في الجولة قبل الماضية للدوري».
كابون: «صفر من 245» حصاد البرازيل أوروبياً!
أوضح ألبرتو كابون، وكيل الأعمال الإسباني، أن كرة القدم تغيرت في السنوات الماضية، وتحديداً في آخر عقدين، في ظل الضغط الكبير الذي بات يرافق الأندية والمنتخبات التي أصبحت أكثر طلباً للحصول على المدربين الأوروبيين أو العمل على تطوير قدرات مدربيها المحليين، عوضاً عن الاستعانة بالمدربين البرازيليين الذين حققوا انتشاراً واسعاً في فترة زمنية سابقة، كانت الكرة البرازيلية فيها الأكثر متعة، وتحقيقاً للإنجازات، ومع تزايد الحاجة حالياً إلى النتائج في المقام الأول قبل أي شيء آخر، فإن الطلب تزايد على مدربي أوروبا الذي يحققون نجاحات أكثر، إلى جانب تحويلهم مسألة التدريب إلى تخصص، وتراهم يقومون بعمليات دراسة وتحليل وتطوير لقدراتهم بصورة مستمرة، وهو ما انعكس على احتكار الألقاب العالمية مؤخراً للكرة الأوروبية التي حققت لقب كأس العالم في آخر 4 نسخ على التوالي بداية من إيطاليا عام 2006، وإسبانيا 2010، وألمانيا 2014 وفرنسا 2018، علماً بأن المربع الذهبي للمونديال الماضي شهد وجود 4 منتخبات أوروبية.
وأضاف كابون أن الكرة البرازيلية ممتعة، لكن على صعيد الأرقام عندما ننظر إلى الكرة الأوروبية التي تجمع أقوى الفرق في العالم فإن حصاد مدربي البرازيل جاء «صفراً» من أصل 245 لقباً، وزعت على مدار تاريخ مختلف مسابقات الأندية الأوروبية، منها لقب دوري أبطال أوروبا الذي لم يحققه أي مدرب برازيلي، فيما توزعت بقية ألقاب هذه المسابقة بين 14 جنسية، منها 13 أوروبية يتصدرها مدربو إيطاليا برصيد 11 لقباً ثم إسبانيا 10 ألقاب، فيما حضرت الأرجنتين فقط من المدرسة اللاتينية التي حققت 5 ألقاب أوروبية، وفي المجمل مع فوز دييجو سيميوني مؤخراً بلقب الدوري الأوروبي «كأس الاتحاد الأوروبي سابقاً»، وسط غياب المدربين البرازيليين عن قائمة الشرف، إلى جانب تأثيرهم المحدود والإخفافات لهم مع الأندية الكبيرة، مثل لوكسمبورجو مع ريال مدريد، ولويز فيليبي سكولاري مع تشيلسي.
نجاحات يخلدها التاريخ
يملك مدربو البرازيل نجاحات وإنجازات بارزة في الكرة الإماراتية، لكنها أصبحت في طي التاريخ حالياًَ، ومر عليها زمن طويل للغاية، ولم تتكرر كثيراً في الزمن اللاحق، وتركت الكرة البرازيلية بصمتها، حينما قاد ماريو زاجالو «الأبيض» إلى نهائيات كأس العالم في إيطاليا 1990.
وتولى كارلوس ألبرتو المهمة لتدريب المنتخب في النهائيات، وقبلهما وجود اسم لمع كثيراً هو سيباستيان لابولا الذي حقق ألقاباً عديدة مع النصر في ثمانينيات القرن الماضي، وما زال اسمه راسخاً في ذاكرة «العميد».
كما برز زي ماريو الذي توج بثنائية الدوري والكأس مع الوصل عام 2007، كما وجدت أسماء عديدة، منها من حقق ألقاباً، أبرزهم آبل براجا مع الجزيرة في عصر الاحتراف، وآخرون قدموا مساهمات متنوعة، مثل باولو بوناميجو الذي حصد مع الشباب لقب كأس الأندية الخليجية 2011، وآخرون منهم ماركوس باكيتا والراحل كايو جونيور وغيرهم.
مدربو الموسم الحالي
العين: الكرواتي زوران ماميتش «أوروبا»
الوحدة: الروماني ريجيكامب «أوروبا»
النصر: الصربي إيفان يوفانوفيتش «أوروبا»
الجزيرة: الهولندي فيرسلاين «أوروبا»
الفجيرة: التشيكي هاشيك «أوروبا»
بني ياس: الكرواتي كرونوسلاف جوريتش «أوروبا»
الظفرة: الصربي فوك رازوفيتش «أوروبا»
اتحاد كلباء: الإيطالي فيفياني «أوروبا»
شباب الأهلي: الأرجنتيني رودولفو «أميركا الجنوبية»
الإمارات: التونسي جلال قادري «أفريقيا»
عجمان: المصري أيمن الرمادي «أفريقيا»
دبا الفجيرة: السوري محمد قويض «آسيا»
الشارقة: الإماراتي عبدالعزيز العنبري «آسيا»
الوصل: الإماراتي حسن العبدولي «آسيا»